>
عادل أدهم، واحد من أبطال السينما المصرية الذين حققوا شهرة واسعة وأثروا في تاريخ الفن المصري بما قدموه من أدوار معقدة ومؤثرة، كان ظهوره في الشاشة الكبيرة متعة بصرية للجماهير، ليس فقط بسبب موهبته، بل أيضًا بفضل أدواره التي تميزت بقوة الشخصية والشر المحسوس في كل مشهد، وعلى الرغم من أن مشواره الفني كان مليئًا بالنجاحات، إلا أن حياته الخاصة كانت بمثابة سلسلة من التحديات والأزمات التي أثرت بشكل عميق في شخصيته وحياته.
النشأة والبداية في عالم الفن
وُلد عادل أدهم في 8 مارس 1928 في حي الجمرك بالإسكندرية، في أسرة مصرية بسيطة، كان والده موظفًا حكوميًا، بينما كانت والدته من أصول تركية. منذ صغره، أبدع في مجالات متعددة، وبرز في الرياضات كالملاكمة والمصارعة والسباحة والجمباز، وكان يطمح لتحقيق نجاحات في هذه المجالات.
لكن كما هي الحال مع الكثير من المبدعين، كان لعادل أدهم طريق آخر، وهو طريق الفن، بدأ أولى خطواته في عالم السينما في سن مبكرة، حيث شارك في فيلم “ليلى بنت الفقراء” عام 1945 كراقص، وكان ذلك بداية لمسيرة فنية طويلة مليئة بالتقلبات، إلا أن النجومية لم تكن في متناول يده في تلك الفترة، بل كان يكتفي بالظهور في أدوار صغيرة في عدد من الأفلام مثل “البيت الكبير” و”ماكانش عالبال”.
مسيرة فنية متقلبة من التراجع إلى العودة القوية
و في البداية، كانت السينما المصرية تتيح له الفرص القليلة فقط، ما دفعه للاحتجاب عن الشاشة، حيث توجه للعمل في بورصة القطن بمدينة الإسكندرية.
كانت تلك الفترة في حياته تمثل نوعًا من الاستقرار المالي والاجتماعي، لكن مع فترة التأميم التي شهدتها البلاد في الستينات، خسر أدهم عمله في البورصة، ليقرر العودة مجددًا إلى الفن بعد غياب دام عدة سنوات.
وفي عام 1964، عاد عادل أدهم إلى السينما من خلال فيلم “هل أنا مجنونة؟”، ليبدأ مرحلة جديدة مليئة بالفرص الفنية.
كانت هذه العودة بمثابة نقطة تحول في مسيرته، إذ بدأ يقدم أدوارًا أكبر وأكثر تأثيرًا، ما جعله يتقاسم الأضواء مع كبار الفنانين في تلك الحقبة.
أدوار الشر التي صنعت له مكانة خاصة
كان عادل أدهم أكثر من مجرد ممثل؛ فقد كان بارعًا في تجسيد الشخصيات التي تحمل بين طياتها عنصر الشر، ليس بأسلوب تقليدي، بل بأسلوب معقد يعكس صراعًا داخليًا يراه الجمهور على الشاشة، قد تكون هذه الأدوار هي التي صنعت له مكانة مميزة في ذاكرة السينما المصرية.
و شارك في العديد من الأفلام التي جعلته أيقونة للشر في السينما، ومن أبرز هذه الأعمال “النظارة السوداء” و”السمان والخريف”، حيث قدم شخصية الشر بكل أبعاده النفسية والعاطفية.
كما كان له دور محوري في فيلم “ثرثرة فوق النيل”، الذي يعتبر واحدًا من أهم الأفلام المصرية في السبعينات.
وكانت أدوار عادل أدهم تتسم بالتعقيد النفسي، فكان قادرًا على أن يجسد الشخصية القاسية والشريرة بحرفية عالية، الأمر الذي جعل الجمهور يتفاعل معه بشكل فريد. ولم تقتصر أدواره على الشخصيات السلبية فقط، بل أظهر تنوعًا كبيرًا في أعماله، بما جعل له قاعدة جماهيرية واسعة.
زيجات وأزمات
على الرغم من التألق الفني الذي حققه عادل أدهم، إلا أن حياته الشخصية لم تكن مليئة بالاستقرار والهدوء.
تزوج عدة مرات، وأبرز زيجاته كانت من سيدة يونانية تدعى “ديمترا”، التي ارتبط بها بعد قصة حب طويلة، إلا أن هذا الزواج لم يدم طويلًا بسبب الصعوبات الشخصية وسوء المعاملة، مما دفع الزوجة للرحيل إلى اليونان وهي حامل بابنهما الوحيد.
مرت سنوات عديدة قبل أن يكتشف عادل أدهم أن له ابنًا، وعندما سعى للبحث عنه، اكتشف أن الابن قد رفض الاعتراف به، وهو ما شكل صدمة له.
هذا الموقف ترك أثارًا عميقة في نفسية عادل أدهم، حيث أصابه الاكتئاب لفترة طويلة، وكأنما الحياة قد خذلته في اللحظات الأكثر ضعفًا.
الأزمات النفسية والمرض
كانت حياة عادل أدهم مليئة بالأزمات النفسية، التي بدأت بالخلل في علاقاته الشخصية، وصولًا إلى معاناته من المرض في سنواته الأخيرة.
كان يعاني من الاكتئاب بسبب قسوة الحياة الشخصية التي مر بها، وزاد الطين بلة مع إصابته بمرض السرطان في آخر سنواته، وعلى الرغم من محاربته للمرض، إلا أن جسده لم يتحمل، وتوفي في 9 فبراير 1996 بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان والتهاب رئوي حاد.
وفاة عادل أدهم
رحل عادل أدهم عن عالمنا في 9 فبراير 1996 عن عمر يناهز 67 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا عظيمًا وأدوارًا خالدة في الذاكرة الجماهيرية، ورغم صعوبة حياته الشخصية، إلا أن موهبته الكبيرة وما قدّمه للسينما المصرية جعل منه رمزًا فنيًا لا يُنسى. رحل “برنس السينما المصرية”، ولكن ستظل أعماله محفورة في قلوب محبيه وجمهوره.